علماء أزهريون: لا خطر على مصر من التشيع

القاهرة - قلل علماء أزهريون متخصصون في ملف العقائد والمذاهب من أهمية ما تصفه تقارير إعلامية في مصر بخطر التشيع، معتبرين أن أي محاولة لنشر التشيع في مصر سيكون محكوما عليها بـ"الفشل"، نظرا لطبيعة المصريين التي ترفض المبالغة في حب آل البيت.
يأتي ذلك فيما تعهد وزير الأوقاف المصري الدكتور محمود حمدي زقزوق أمس الأحد بوقف ما وصفه بـ"المد شيعي" في مساجد مصر، وفي المقابل نفى مسئول بالسفارة الإيرانية في القاهرة وجود أي محاولات إيرانية لنشر المذهب الشيعي بمصر.

ففي تصريحات لـ"إسلام أون لاين.نت" قال الدكتور عبد المعطي بيومي، أستاذ العقيدة بجامعة الأزهر: "لا يوجد خطر أمني على مصر من المذهب الشيعي؛ لأنه ليس خارجا عن الإسلام، كما أن الشيعة ليسوا كفارا".

وأشار إلى أن "المذهب مع ذلك يحمل في طياته بدعا كثيرة، لكن لا خطر منها أيضا، حيث لا يقبلها العقل ولا القلب ولا الذوق المصري، بدليل أن حب آل البيت عند الشيعة من غير المصريين ينقلب أحيانا لدى البعض إلى ما يشبه العبادة أو إلى عبادة حقيقية".
وشدد على أن "الشعب المصري بطبيعته يفرق بين الحب والعبادة، فإذا سألت رجلا مصريا عاميا لا يقرأ أو يكتب: هل تعبد أحدا من آل البيت؟ فإنه سوف ينفي ذلك بشدة".

وتابع قائلا: "الطبيعة المصرية لا تقبل المبالغات ولا الانحرافات الشيعية، فهو (أي المصري) لا يقبل مثلا زواج المتعة، كما لا يقبل عصمة أحد من البشر، وإن كان من آل البيت، غير رسول الله صلى الله عليه وسلم".

دكتور بيومي أشار أيضا إلى أن هناك أدلة كثيرة تؤكد عدم الخوف الأمني والاجتماعي من التشيع، أبرزها الدليل التاريخي، حيث إن الشيعة كانت لهم دولة في مصر مشهورة وهي "الدولة الفاطمية"، إلا أنها لم تترك أثرا في المصريين رغم وجودها لفترة طويلة.

ولفت إلى أنه قد "توجد محاولات لزرع التشيع في مصر لكنها فاشلة ومحكوم عليها بالانتهاء؛ فلا خطورة على الإطلاق من التشيع على مصر".

منتفعون

وأرجع د. بيومي إثارة الحديث عن التشيع في مصر هذه الفترة إلى وجود بعض الناس "المنتفعين" الذين "يميلون إلى التشيع في مصر، لا حبا في آل البيت ولا حبا للمذهب الشيعي، وهؤلاء علاقتهم مرتبطة بالمنفعة، وليست لها جذور في نفسيتهم"، ولم يعط مزيدا من التفاصيل.

وردا على سؤال بشأن المواجهة الأمنية للتشيع قال بيومي: "ما نشر عن وجود محاضرات حول الفكر الشيعي لضباط الأمن المصري ليس جديدا، لكن مباحث أمن الدولة دعت أحد العلماء لإلقاء محاضرة لأول مرة، فظن أن هذا توجه جديد ونشر ذلك في الصحف على عهدته".

واستطرد قائلا: "الذي أعرفه أن مباحث أمن الدولة تدرب ضباطها على فهم أفكار كل التيارات والحركات الفكرية والمذهبية، وهذا منذ القديم، فهناك دورات تدريبية اشتركت فيها مع غيري منذ سنين طويلة".

وكان د. عبد المنعم البري، أستاذ الثقافة الإسلامية بكلية الدعوة جامعة الأزهر، قد كشف الأسبوع الماضي في تصريحات صحفية عن استدعاء وزارة الداخلية له ولعدد من العلماء المتخصصين في دراسة المذاهب الشيعية؛ من أجل إلقاء محاضرات لضباط جهاز مباحث أمن الدولة داخل عدد من السجون ومقار الجهاز عن الفكر الشيعي والمذاهب الشيعية وخطط اختراق البلاد السنية.

صدام فكري

الدكتور محمد المسير، أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، من جانبه أكد عدم وجود خطر أمني للشيعة في مصر.

وقال في تصريحات لـ"إسلام أون لاين": إن "كل ما في الأمر أنه على كل طرف أن يكون واضحا في دعوته من حيث الحوار"، واعتبر أن "المشكلة تكمن في حمل الناس على تبني مذهب ما، وحتى في أهل السنة هناك منهم من يحمل الناس على اعتناق فكرهم، وهذا مرفوض أيضا".

وتابع المسير قائلا: "قد يحدث تصادم فكري لا أمني حينما يستغل الطرف الشيعي التواجد بمصر لنشر مبدأ يعتقده؛ حيث لا ينبغي لفكر أن ينتشر في الخفاء أو يكون له أساليب غير طبيعية في الدعوة، وعليه فنحن بحاجة للوضوح والالتقاء الفكري".

ورغم أنه حذر "من استغلال حب المصريين لآل البيت في الدعوة لمبادئ معينة في التشيع"، إلا أنه أشار في الوقت نفسه إلى أن "السنة والشيعة يجتمعون على أركان الإسلام الخمسة وكل ما كان معلوما من الدين بالضرورة".

مقولة مصطنعة

بدورها، أكدت الدكتورة آمنة نصير، أستاذة العقيدة والفلسفة بالأزهر وأحد العاملين في مجال التقريب بين المذاهب، أن "القول بالخطر الأمني من الشيعة في مصر أمر غير صحيح، ومقولة مصطنعة ليس لها أساس".

وقالت في تصريحات لـ"إسلام أون لاين": "الشيعي لن يقول ما يخالفنا في الأصول، والأولى أن نخشى الزحف الغربي الذي يستهدف قتل الهوية".

واعتبرت الدكتور آمنة نصير أن مسألة إشاعة الخطر الأمني من الشيعة "جزء من البحث عما يمزقنا ويفرقنا، في وقت لابد فيه من أن نردد ما يجمعنا بالشيعة من أن كلينا مسلم يعبد ربا واحدا، ونتجه لقبلة واحدة، ونقرأ قرآنا واحدا، ونصلي صلاة واحدة".

وعن كيفية النظر لقضية تواجد الشيعة بمصر قالت: "لابد أن نتعقل الأمر ولا ننساق خلف التسييس للمسألة.. علينا القول بأن إسلامنا يسعنا جميعا وكفانا تمزقا".

بالتوافق مع كل الآراء السابقة، قال الدكتور أحمد السايح، أستاذ العقيدة بجامعة الأزهر وعضو لجنة التقريب بين المذاهب الإسلامية: إن "الشيعة باعتبار أنهم مسلمون لا يوجد خطر منهم، وأيضا على أساس أنهم مواطنون".

وشدد على أن "الخطر الحقيقي نابع من المذاهب المتطرفة التي تعمل على إثارة القلاقل والفتن".

"المد الشيعي"

وكان وزير الأوقاف المصري قال في مؤتمر صحفي أمس الأحد ردا على سؤال حول موقف الوزارة من "خطر المد الشيعي" ووصوله أحيانا إلى بعض المساجد: "لن نسمح مطلقا بوجود مد شيعي في مساجد مصر، أو إيجاد تصنيف شيعي وسني داخل المساجد المصرية".

من جانبه، نفى كريم عزيري، المستشار الإعلامي بمكتب رعاية المصالح الإيرانية بالقاهرة وجود أي محاولات إيرانية لنشر المذهب الشيعي أو إقامة حسينيات شيعية في مصر.

وردا على ما ذكره عدد من الشيعة العراقيين عن أن شيعة إيرانيين يدخلون مصر بجوازات سفر عراقية، ويسعون لإقامة حسينيات في أماكن التجمعات الشيعية العراقية قال: إن "هذه الأقاويل كاذبة وليس لها أساس من الصحة"، بحسب صحيفة "المصري اليوم" المصرية المستقلة اليوم الإثنين.