عقدة المصالحة الفلسطينية

عقدة المصالحة الفلسطينية

اللواء عمر سليمان مدير المخابرات المصرية المتفرغ لمعالجة التنافر القائم بين سلطة رام الله برئاسة محمود عباس وبين حركة حماس والمنظمات الجهادية المتحالفة معها المحاصرة فى قطاع غزة، أعد خطة للتوفيق والمصالحة بينهما بعد سلسلة لقاءات مع ممثلين عنهما جرت فى القاهرة.

الطرفان أبديا استعدادهما للمصالحة وفى ذهنه أن تتم وفق ما يبغى من هذه المصالحة، وهذا المستحيل بعينه، فسلطة رام الله تريد موافقه المحاصرين فى القطاع على تحديد موعد لاجراء انتخابات رئاسية وتشريعية قبل انتهاء المدة القانونية للمجلس التشريعى الفلسطينى الذى تتمتع فيه حماس بأغلبية ساحقة.

إلى أن تتم هذه الانتخابات الرئاسية المقترحة يكون محمود عباس قد ضمن الاستمرار فى موقعه الرئاسى إلى ما بعد مدته القانونية التى تنتهى فى الثامن من كانون الثانى يناير العام القادم 2009، وعلى فرض أنها تجرى قبلئذ فإنه يراهن على أن تكون نتيجتها فى مصلحته بأى طريقة من الطرق! فقد تعلم المتظللون بالاحتلال الاسرائيلى كيف يضمنون الفوز فيها.

يمكن للمحلل السياسى أن يتكهن بأن خطة التوفيق والمصالحة المصرية استبعدت التطرق إلى الاعتراف باسرائيل فى المرحلة الأولى من مشروع المصالحة كى لا ترفض حماس والمنظمات الجهادية المحاصرة مجرد قراءتها.

الذين شاركوا عمر سليمان رئيس المخابرات المصرية لم ينسوا بكل تأكيد تضمين خطتهم بما يتصورون بأنه يغرى المحاصرين برفع الحصار عن القطاع بكل معابره فتتدفق عليهم المساعدات من كل حدب وصوب.

ولا أظن أن المحاصرين منظمات ولاجئين سذج ليقبلوا بذلك.

فقد اعتادوا على العيش دون حد الفقر مكتفين كل يوم بالتطلع دوما إلى ديارهم المغتصبة على بعد حد النظر مشهرين مفاتيح منازلهم المعلقة فى رقابهم يدللون بها على تمسكهم بالعودة إليها، وبذلك فإنه أصبح مستحيلا اغراؤهم.

العقدة التى تتضح معالمها وتحول دون نجاح المشروع المصرى للمصالحة بين النقيضين الفلسطينيين هى موقف كل منهما من "اسرائيل" وموقفها من كل منهما. فمنظمات القطاع تصر على وجوب انسحابها دون قيد ولا شرط، ودون الاعتراف بها إلى حدود عدوانها المدعوم بسفينة التشويش الأمريكية "ليبرتي" التى نجحت فى تعطيل الرادارات المصرية يوم السادس من أكتوبر عام 1967.

فى حين تعترف سلطة رام الله باسرائيل وراضية باحتلالها للضفة، واستعانت قبيل أيام بخمسمائة شرطى فلسطينى بادرت قيادتهم السلطوية إلى اصدار أمر بحمل السلاح فى المنطقة العربية من المدينة لشل فاعلية المجاهدين! فكيف يمكن انجاح المبادرة المصرية بين النقيضين!
الجواب: إنها مبادرة فاشلة