الفاشية لن تتوقف فى أم الفحم فقط!

الفاشية لن تتوقف فى أم الفحم فقط!

قرار محكمة العدل العليا بالسماح لغلاة اليمين العنصرى الفاشى باقامة مسيرتهم بمدينة أم الفحم، يعتبر سابقة قانونية خطيرة، على مؤسسات الجماهير العربية العمل على صدها بكل الطرق المشروعة المتاحة... وهى كثيرة!

موقف قيادة الشرطة فى منطقة الشمال، كان معارضا بشدة لإجراء هذه المسيرة الاستفزازية الفاشية داخل مدينة عربية. وهو موقف يجب معرفة توظيفه فى الرد السياسى والنضالى على الفاشيين، حتى لو حصلوا على "تفويض قانوني". كذلك من المهم ان نسجل أمامنا ان النيابة العامة للدولة عارضت التصريح للفاشيين باجراء مسيرة فى أم الفحم.

من المهم عدم السماح بفوضى الرد على الفاشيين. يجب ان يكون موقفا موحدا لجميع التنظيمات والهيئات العربية... وتحويل يوم المسيرة الى إضراب عام للجماهير العربية، ومظاهرة جماهيرية ضد الفاشية فى أم الفحم نفسها، وأن نضمن عدم التصادم مع الشرطة.

الشرطة فى هذه الحالة ليست هى العنوان لغضبنا على التصريح لأسوإ الحثالات الفاشية فى اسرائيل بالقيام باستفزاز مهين لكرامتنا.

من الجانب الآخر، لا بد من تجنيد الأوساط اليهودية الديمقراطية والتى ترفض سياسة اليمين الفاشي، فى هذه المعركة التى بادر اليها اليمن وبتغطية قانونية من المحكمة العليا، تناقض المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان، وحقوق المواطن.

ان مواقفهم العنصرية من الجماهير العربية، ونوعية شعاراتهم، هى نافذه قانونية واسعة لتقدمهم نيابة الدولة للمحاكمة بتهم التحريض على العنف والاعتداء على مواطنين عرب، واعتبارهم الجماهير العربية خطرا أمنيا وديموغرافيا يجب طردها أوتصفيتها.

ان مظاهرتهم فى أم الفحم، اذا جرت، هى اعتداء صارخ على مبدإ أساسى فى نهج الدولة القانونى ووثيقة الاستقلال، كما عبرت عنه المحكمة العليا نفسها بقرارها فى قضية عادل قعدان ضد كتسير: "ان المساواة فى الحقوق بين جميع بنى البشر فى اسرائيل، مهما كانت ديانتهم، وبغض النظر عن قوميتهم، نابعة من قيم دولة اسرائيل".

فهل حافظت المحكمة العليا على قرارها؟!

أين هى هذه القيم، ايها القضاة الذين سمحوا باستفزاز مهين للمواطنين العرب، والتى أقرتها محكمتكم العليا نفسها؟!

أمس استمعنا عبر شبكات التفزيون الى أولئك الفاشيين اليهود، يحرضون أيضا حتى على جيش الاحتلال الاسرائيلى الذى يوفر لهم حماية "ومساعدة" ضد أبناء شعبنا الفلسطينى فى الخليل وغيرها من المناطق المحتلة، انطلق صوتهم وهم يتمنون لجنوده مصير جلعاد شاليط، وان يمحو الله ارواحهم، وأن يقتلوا وأن يذبحوا وأن يحترقوا.. الخ. والله العظيم، العرب لم يتجرأوا على مثل هذه الأمنية علانية وأمام كاميرات التلفزيون الاسرائيلى نفسه.

مثل اولئك الفاشيين ستحضرونهم لمدينة عربية مسالمة وهادئة وبعدها ستستهجنون الغضب العربى والانتفاضة العربية؟!

يجب بدء التحضير الاعلامى الجاد، عبر خطاب سياسى يجند القوى العقلانية اليهودية الى جانب موقفنا الصحيح والواضح برفض الاستفزاز.. وهى قوة يجب عدم الاستهتار بدورها وفاعليتها وما تستطيع ان تقدمه لهذه المعركة التى من الضرورى ان تكون حاسمة مع استفزازات اليمين الفاشى اليهودي. ولا أستثنى ان نفتح جبهة يهودية عربية واسعة ضد الفاشية والفاشيين والترانسفيريين على أشكالهم، خاصة بعد ما تفوه به سوائب المستوطنين اليهود، والذى يثبت ان ما يبدأ بالعرب سينتهى باليهود..

مثل هذه الخطوة ستشكل مكسبا سياسيا يفتح امام جماهيرنا آفاقا سياسية للمستقبل، للأسف تضاءلت فى السنوات الأخيرة، فى مضمونها ايجاد حليف يهودى يرفض سياسات الاجحاف، سياسات التمييز العنصري، ويرى بنا مواطنين متساوى الحقوق.

ومثل هذه القوى قائمة ولها وزنها الاجتماعى والثقافى والأكاديمى والسياسى الهام فى الشارع اليهودي، والتى يجب ان نتواصل معها ونحرص عليها، كما نحرص على بؤبؤ العين.

وهى قادرة عل التأثير بقوة على مجتمعها. وأن لا ننسى انه من المستحيل على الأقليات القومية تحقيق منجزات ومكاسب سياسية واجتماعية واقتصادية وتنقية الأجواء بدون دعم الأكثرية، هذا صحيح فى حالتنا العربية داخل اسرائيل وكان صحيحا فى حالة جنوب أفريقيا عبر نضال نلسون مانديلا والمؤتر الأفريقي، وكان صحيحا فى نضال السود فى الولايات المتحدة الأمريكية من أجل المساواة فى الحقوق بقيادة مارتن لوثر كنغ..

التصريحات المستلهمة التى بدأنا نسمعها فى الساحة العربية السياسية فى اسرائيل لن تخدم معركتنا ضد الفاشية. ستظهرنا عكس ما نريد، متطرفون عرب بمواجهة متطرفين يهود، وهذه ليست الحقيقة، ما يساهم بحسم المعركة لصالحنا قدرتنا على ضبط لساننا، وأن نختار الموقف الذى يظهرنا مجتمعا لا يعوم فى شبر ماء وراء شعارات فضفاضة مستلهمة. انما مجتمعا له موقف انسانى يرفض تحقيره واستفزازه، ويطالب باحترام انتمائه الوطنى وحقوق أفراده كمواطنين على الدولة ان توفر لهم الحماية من الاستفزاز، وتقمع كل من يتطاول عليهم وعلى حقوقهم الأولية، وبالأخص قمع سوائب المستوطنين، وغلاة العنصريين.. الذين يشكلون خطرا واضحا على المجتمع اليهودى أيضا!!