متى تتخلص مصر من قيود كامب ديفيد؟

متى تتخلص مصر من قيود كامب ديفيد؟

ما يلفت النظر هو التغير فى موقف الفصائل الفلسطينية من النظام المصرى الذى يتمسك باتفاقيات كامب ديفيد، فاى اتصال او علاقات مع نظام كامب ديفيد بالسابق علنية كانت ام سرية، كانت تعتبر خيانة كبرى، حيث قاطعت الدول العربية النظام المصرى وسحبت الجامعة العربية من القاهرة الى تونس واشترطت على النظام المصرى تخليه عن اتفاقيات كامب ديفيد لعودته الى الصف العربى واعادة العلاقات الدبلوماسيه معه.

ولا يوجد جدل حول الفراغ الذى تركته مصر عندما خرجت من دائرة الصراع والمواجهة مع الكيان الصهيونى واستبدال مصطلح تحرير "ما اخذ بالقوة لا يستعاد الا بالقوة" بمصطلح "التفاوض" لاستعادة الاراضى المحتلة، والانتقال من مصطلح الاجماع العربى "لا صلح لا اعتراف لا تفاوض" مع الكيان الصهيونى الى "صلح وتفاوض واعتراف"، فالحكومة المصرية حتى اللحظة لم تتراجع او تلغى او تجمد اتفاقياتها مع الكيان الصهيوني، وما زالت هذه الحكومة تتمسك بكل التزاماتها التى ضمنتها هذه الاتفاقيات، حتى بالتعامل مع الشأن الفلسطيني.

فى الواقع ليست سياسة الحكومة المصرية هى التى تغيرت، وانما الموقف الفلسطينى والعربى هو الذى تغير وتراجع، فاليوم لا نسمع بجبهة الصمود والتصدى التى جاءت ردا على زيارة السادات للكيان الصهيونى واتفاقيات كامب ديفيد، ومقر الجامعة العربية عاد الى القاهرة وعادت رئاسة الجامعة العربية الى مصر، وعادت مصر الى موقعها القيادى بالامة العربية ولكن على اساس مفاهيم جديدة تختلف كليا عن المفاهيم القومية التى طرحها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، ولا نسمع اليوم اطلاقا مواقف كحد ادنى تنتقد استمرار تمسك النظام المصرى باتفاقيات كامب ديفيد، وان مفعولها ما زال مستمرا وما زال يكبل مصر بالقيود..

فما الذى تغير على مدار ثلاثين عاما منذ توقيع اتفاقيات كامب ديفيد؟
نعم الكل يدرك الحالة التى وصلت إليها الامة العربية من التمزق والتشرذم والتراجع والسيطرة والهيمنة الامبريالية الغربية على مصادر القرار بالمنطقة العربية، ومخططها الرامى الى تقسيم المنطقة على اساس طائفي.

والنظام المصرى يعى هذا المخطط الذى يستهدف ارض مصر ووحدتها، فموقفه تجاه القضية الفلسطينية يجب ان يكون موقفا حازما وداعما للموقف الفلسطينى الرامى الى التخلص من الاحتلال وتحصيل الحقوق الفلسطينية، والابتعاد قدر الامكان عن مواصلة الضغط على اى طرف فلسطينى مهما كان لتقديم تنازلات للكيان الصهيوني، وان لا يكون الدور المصرى دورا وسيطا ومكملا لفرض حالة استسلام بالمنطقة العربية كما تسعى له الادارة الامريكية والكيان الصهيونى من خلال الضغوطات التى تمارسها على النظام المصري، كذلك محاولات التدخل الامريكى والغربى بالشان الداخلى المصري، تحت مسميات الحرية والديمقراطية وحقوق الاقليات..

ان لم تتخلص مصر من قيود كامب ديفيد، لا اعتقد ان الحكومة المصرية ستكون قادرة على توفير مقومات الصمود والدعم للشعب الفلسطيني، ودورها يجب ان ينتقل الى موقع المواجهة مع هذا الكيان والتخلص من سلبيات كامب ديفيد ومعاهدات الصلح، كما على الفصائل الفلسطينية يجب ان تكون سياستها باتجاه مساعدة مصر على التخلص من كل معاهدات الذل والعار التى تم توقيعها مع الكيان الصهيوني.

فهذا الكيان لا يفهم الا لغة العنف والمواجهة والتحدي، فهذا كيان مجرم بوجوده، مجرم باستمراره، ولا يحترم القيم الاخلاقية، وينتهك كافة المواثيق الانسانية والحقوقية الدولية، ويمارس انتهاكاته اليومية بحق الانسان الفلسطينى والعربي، فهذا الكيان وقادته دائما يؤكدون من خلال ممارستهم اليومية التنكر للحق العربى وحضارته وثقافته وتاريخه، ومن هنا يجب على المواقف الفلسطينية والعربية ان تكون باتجاه تصعيد المواجهة مع هذا الكيان، لتتمكن من هزيمته واحقاق الحق العربى لتنعم باستقرار على طريق الوحدة العربية وسيادة عربية خالصة على كامل الارض العربية.