مفاجآت من العيار الثقيل في شريط الظواهري الجديد

مفاجآت من العيار الثقيل في شريط الظواهري الجديد

رغم أن بيانات القاعدة كانت دوما بعيدة عن الخطاب المذهبي ، إلا أن الشريط المصور الذي بثته في 8 أغسطس جاء مغايرا تماما ، بل وحمل مفاجآت كثيرة منها الهجوم بشدة على إيران وحزب الله .

هذا الهجوم فسره البعض بأن القاعدة باتت على ثقة بأن لطهران يد خفية في ملاحقة عناصرها بالعراق عبر التحالف مع أمريكا وحكومة نوري المالكي الشيعية ومجالس الصحوة السنية التي يصفها الظواهري بالمرتدة ، فهناك خيية أمل كبيرة في تلك الدولة الاسلامية التي كان يعول عليها المسلمون للتعاون مع العرب في مواجهة الهجمة الصليبية الجديدة ، ولعل هذا ما ظهر واضحا في اتهام الظواهري لشيعة إيران والعراق بالامتناع عن إصدار أي فتوى تحث على الجهاد ضد الاحتلال الأمريكي في العراق.

أيضا فإن القاعدة فيما يبدو توجه أصابع الاتهام لإيران في مقتل عدد من قادتها بأفغانستان في أغسطس الماضي ، حيث أشارت تقارير صحفية إلى تعاون شيعة أفغانستان مع الاحتلال الأمريكي في الفترة الأخيرة في محاولة من طهران لتخفيف الضغوط عليها فيما يتعلق بأزمة برنامجها النووي .

وكان أربعة من أبرز قادة القاعدة في أفغانستان وهم أبو خباب المصري وأبو محمد إبراهيم بن أبي الفرج المصري وعبد الوهاب المصري وأبو إسلام المصري قد لقوا مصرعهم في غارة أمريكية في مطلع أغسطس .

ويبدو أن خسارة القاعدة كانت كبيرة جدا لأن أبو خباب المصري وهو قيادي تعود أصوله إلى مصر واسمه الحقيقي مدحت مرسي ، معروف بأنه كبير خبراء المتفجرات والسموم وكانت واشنطن قد رصدت مكافأة قدرها 5 ملايين دولار للقبض عليه ، حيث تتهمه بأنه درب عناصر القاعدة على استخدام المتفجرات ، كما درب الانتحاريين الذين قتلوا 17 بحارا أميركيا على المدمرة (يو إس إس كول) في اليمن العام 2000 ، ويعتقد أن المصري أيضا أسهم في إدارة معسكر (دارونتا) التدريبي شرقي أفغانستان قبل الغزو الأمريكي وأنه بدأ حينذاك في إجراء اختبارات تصنيع الأسلحة الكيميائية والبيولوجية.

ورغم أن التفسير السابق يستند لوقائع على الأرض ، إلا أن هناك وجهة نظر أخرى تشكك في صحته وتؤكد أن باكستان هى من سربت معلومات أدت لمقتل عناصر القاعدة الأربعة ، وفيما يتعلق بتبرير هجوم الظواهري غير المسبوق على ما أسماه الحلف الإيراني الصليبيي في العراق وأفغانستان ، تذهب وجهة النظر تلك إلى أن الهجوم يأتي في إطار مخاوف القاعدة من انتشار التأييد لإيران في أوساط السنة بعد الانتصارات المتتالية التي حققها حزب الله على إسرائيل ، وهذا يبدو واضحا في محاولة الظواهري التقليل من حجم الإنجاز الذي تحقق في حرب تموز 2006 ووصفه لما حدث بأنه كان في مصلحة إسرائيل .

وهناك أيضا مخاوف القاعدة من احتمال عقد صفقة أمريكية إيرانية تحقق لبوش نجاحا خارجيا في اواخر أيامه على حساب سنة العراق ، حيث جاء هجوم الظواهري بعد أن أعلنت إيران مؤخرا عن استعدادها لفتح مكتب لرعاية المصالح الأمريكية على أراضيها ولإجراء جولة خامسة من المفاوضات بشأن العراق .

مفاجأة أبو سعيد المصري

وبجانب الهجوم على إيران ، جاء الشريط المصور الذي بثته القاعدة بمفاجأة مدوية وهى أن قائد تنظيم القاعدة في أفغانستان مصطفى أبو اليزيد ، الملقب بـ "أبو سعيد المصري " مازال على قيد الحياة ، الأمر الذي سبب حرجا كبيرا لإدارة بوش التي زعمت أنه قتل خلال اشتباكات وقعت في منطقة باجور الباكستانية قرب حدود أفغانستان في أغسطس الماضي.

مصطفى أبو اليزيد

الشريط تضمن أيضا ظهور اثنين من قادة القاعدة بجانب الظواهري والمصري وهما عطية الله المسئول عن متابعة ملف العراق وعبد المصعب عبد الودود زعيم القاعدة في المغرب الإسلامي .

الظهور الرباعي فسر على أنه محاولة دعائية من القاعدة للتأكيد على أنها مازالت موجودة وبقوة في ساحة الجهاد بعد 7 سنوات من الحرب على ما يسمى بالإرهاب ، بينما ذهب البعض الآخر إلى أن الشريط المصور الذي جاء بعنوان "حصاد سبع سنوات من الحروب الصليبية" إنما يشير لتراجع في قوة القاعدة ، حيث أنها لم تهدد وتتوعد أمريكا كالعادة وإنما ركزت على الحروب التي شنتها واشنطن ضد المسلمين سواء كان ذلك في العراق وأفغانستان والصومال .

وأيا كان صحة ما سبق ، فإن هناك حقيقة لا يستطيع عاقل أن ينكرها وتؤرق الأمريكيين ليل نهار وهى أن بن لادن والظواهري مازالا على قيد الحياة ، بينما يوشك بوش على الرحيل عن البيت الأبيض دون تنفيذ وعده بقتلهما أو باعتقالهما.