الأسد لن يكون سادات آخر

الأسد لن يكون سادات آخر

"نمرود بركان" رئيس مركز الدراسات السياسية فى وزارة الخارجية الإسرائيلية قال "الرئيس السورى بشار الأسد هو أنور السادات القادم"، كلامه هذا جاء فى الاجتماع السنوى للمركز لأجل تحديد الخطوط العامة للسياسية الخارجية الإسرائيلية للعام2009.

فى هذا الاجتماع شارك كبار الشخصيات فى وزارة الخارجية الإسرائيلية ومن بينهم السفراء الإسرائيليون فى مختلف دول العالم، وأشار عدد من المشاركين فى الاجتماع إلى أن هناك تغيرا فى مواقف الخارجية الإسرائيلية تجاه سوريا عما كان الأمر عليه قبل نصف سنة أو سنة من الآن.

وقال رئيس مركز الدراسات السياسية "إن الرئيس السورى سيفاجئ الجميع كما فعل الرئيس المصرى السابق أنور السادات، ويعمل على إزالة الجليد ما بين إسرائيل وسوريا، والسادات وصل إلى إسرائيل بعد سلسلة حوارات سرية جرت بينه وبين إسرائيل، والمحادثات الجارية حالياً بين سوريا وإسرائيل بوساطة تركية غيرت المواقف تجاه سوريا".

ومواقف "نمرود بركان" لا تشكل الرأى الوحيد والاتجاه القوى فى الخارجية الإسرائيلية تجاه السلام مع سوريا، فهناك من له رأى آخر فى الموضوع، شخصية هامة فى الخارجية الإسرائيلية قالت فى الاجتماع السنوى "الأسد يلعب لعبه غير مستعد لدفع الثمن فيها"، وتابعت الشخصية الهامة حديثها بالقول "من الممكن أن تكون عملية السلام القادمة مع سوريا، ولكن هناك طريق طويل قبل أن تكون هذه المواقف مواقف رسمية لوزارة الخارجية الإسرائيلية".

ويبقى القرار الأول والأخير للموقف تجاه سوريا من شأن رئيس الحكومة الإسرائيلية، و"تسيبى ليفني" بعيدة عن أن تتبنى هذه المواقف تجاه سوريا، والموقف الأقوى تجاه سوريا هو لمن يطالبون بضرورة قيام سوريا والرئيس الأسد بإثبات "حسن نواياهم وجديتهم" تجاه عملية السلام، وهذا له متطلبات عدّة من وجهة النظر الإسرائيلية أولها ضرورة قطع العلاقات السورية الإيرانية، وتوقف سوريا عن التدخل فى الشأن اللبنانى الداخلي، ومنع تهريب الأسلحة لحزب الله بالإضافة لطرد المنظمات الفلسطينية من العاصمة السورية دمشق.

ومن خلال استعراض هذه المواقف لأطراف فى الخارجية الإسرائيلية نرى أن عملية السلام سواء كانت تجاه سوريا أو تجاه الفلسطينيين فهى تقوم على نفس المبدإ والأسس، وهى فرض شروط مسبقة على الأطراف الأخرى دون الاستعداد للقيام بأية خطوات تثبت جدية إسرائيل تجاه عملية السلام.

فإسرائيل هى الجهة الوحيدة المطلوب منها إثبات حسن النوايا كونها هى المعتدية والمغتصبة للأراضى العربية، فهى التى تحتل هضبة الجولان، وهى التى أقامت دولة على أنقاض شعب آخر منذ ستين عاماً، وتتعامل وكأنها تقدم هبات لسوريا والفلسطينيين فى أية عملية سلام قادمة بينها وبينهم، والسلام الحقيقى لا يمكن أن يتحقق فى ظل عقلية وتفكير إسرائيلى بهذا النمط.

وهذا التعدد فى الآراء داخل المؤسسات الإسرائيلية سواء كانت الأمنية منها أو السياسية لا يأتى إلا من قبيل تقاسم الأدوار فقط، وأن نوايا إسرائيل تجاه السلام لم تكن فى يوم من الأيام حقيقية وإنما تهدف لكسب مزيد من الوقت لإكمال مخططاتها على الأرض التى هى جوهر الصراع.

والاعتقاد الإسرائيلى بأن الرئيس السورى بشار الأسد سيكون هو أنور السادات القادم ليس اعتقاداً فى محله، فلو أراد الأسد ذلك لبدأ مفاوضات مباشرة وليس عبر وسيط ثالث مع إسرائيل منذ توليه السلطة، هذا أولاً، وثانياً الرئيس السورى رفض الضغوط الأمريكية والإسرائيلية من أجل قطع علاقاته مع إيران إلى جانب استمرار دعمه للمقاومة اللبنانية وعلى رأسها حزب الله واستمرار استضافته لفصائل المقاومة الفلسطينية على أراضى سوريا، بالتالى الرئيس السورى أبعد من أن يكون أنور السادات القادم وفق المعطيات الحالية.