في هدأة النفس من أنت؟ مميز جدا جدا جدا

في هدأة النفس من أنت؟

ألا تذكرين ماذا حدث؟ كنت تعبرين طرقات الحياة وحيدة إلا من جذوة تعصي على الرماد.. بين محطة ومحطة ترقبين الأفق وتستشرفين الضوء في عتمة العبور.. لا تضاريس تحني ذراعها لتستكيني ولا سماء ترخي ظلالها لتبتردي. وكان البرق يرصدك وكنت على طمأنينة الظل تتكئين وسكون الصواعق، فشطرك البرق نصفين وأيقظك اللهب.. هكذا تماماً بيقظة وهدوء وترقب.. صعقت واختطفك البرق إلى غموض فضاءاته حتى صرت نجمة تتلألأ في المدار.. لكن في عمق أسرارها تكمن الحمم.

كيف حدث ذلك؟

طفلة أضاعت الدرب فلاح لها ضوء بعيد ظنته قنديل شباكها فخطت خطوتين ونصفاً، فإذ بالقنديل ضوء ساطع باهر فغُشي عليها ولم تهتد بعدُ إلا إليه.. وظل الدرب إلى البيت قيد المتاه. هكذا يحدث دوماً.. لا، ليس إلا صدفة نادرة قد تحدث مرة وقد لا تحدث أبداً.

أنت تتقدين، يداك شعلتان وقلبك محيط، يختزن الجوهر والزلال والمر ويفيض منك عليك وحولك.. وتشتهين الماء.

لست تعرفين ذاتك قلت: أنت غريبة عليك.. من أنت؟ ساحرة ارتد سحرها عليها؟ أم إنك ومضة أضاءت ذاتها وتعددت.. لست هائمة شأنك حين تهمّين. أنت راسخة كطود انغرس بقبضة من فولاذ، وبارقة كأمل شع خطفاً وأوشك على التجلي.

أنت الآن لست أنت، كلك تجمعتِ فيك وتكونت لتكوني أنت.. امرأة واحدة وكل النساء معاً.. تحدقين في المرآة فلا ترينك إلا شعاعاً يدفق من مصدر خفي. تسيرين بخفة الزغب المتطاير في هبوب النسيم، وحين ترقدين ترف أجنحة السكينة كفراشة تهدأ لتتهيأ.. أصابعك مترفة كبتلة الوردة حين تنث عطرها.. في جسدك رعشة ما بعد الارتجاج حين الزلازل.. بين شفتيك نهنهة الجذور حين سخاء الماء.. في رئتيك شهقة الغبطة حين الدهشة.. في قلبك عزف شفيف شجي على وتر النبض.

مكتظة قلت، حتى الفيض. كأنك النهر حين احتدام الماء.. كأنك الحقول تفتحت حين سخاء الربيع. كأنك العناصر كلها والكون والطلاسم تجمعت لتكوني أنتِ..

الحب؟ لا، الحب لفظة في أغنية سمعتها وتسمعينها، أنت في لحظة ندم، أسى في لحظة حسرة، خفقة عابرة في لهفة شوق، خوف خفي من فراق محتمل، ذهول آني، اشتهاء خاطف، هجس ينتظر.. حسابات تستبق، واحتمالات تفترض، تذلل يجرح، دمع يرتجي، نواح يخفت، عويل يرتج. مِنةٌ تقصد الاعتراف، مكرمة تقصد الامتنان، عتب يحاصر ويستلب. أسر يقصد القيد، أنت لست بعض هذا ولست كل هذا، أنت خارجة على البعض وخارجة على الكل.. فمن أنت؟ هل هي السعادة إذن هذه التي ترفلين بها، مجنحة كأنك هي؟

لا، السعادة خفق خفي عابر، لحظة برق خافت بين سكون سحب لا تكترث بالهطول. ومضة خاطفة توقظ من غفوة مثقلة.. فرح يخفت حين عبوره، دهشة طفل قبل أن يكسر لعبته، سلام لا يستكين إليهِ.لا، أنت لست بعض هذا ولست كل هذا. فما أنت؟

طلسم ينقفل عليه ولا يخترق سره، صياغة تعصي على الصياغة، نص ينطوي على دلالته، شيفرة لا تخضع للترميز

أية أصابع معجونة بالطين وبفتنة الخلق أبدعتك وكورتك من سديمك لتكوني ما أنت كائنة عليه: صبية تنسل من ثقل السنين وتلهو.. طفلة مأخوذة بشغف اللعب.. كوكب يومض كغمزة، لا يُسبر كنهه ولا يطاله الكشف!!

أنت لست بعض هذا.. لأنك كل هذا.. فمن أنت؟

موضوع رهيب
بارك الله فيك
وجزاك الله كل خير

شكرا لرأيك ومشاركتك

موضوع جميل ومميز
جزاك الله خير

شكرا لمشاركتك يا عبدالرحمن

ياريت يا محمد
تذكر كاتب الموضوع
--- ربنا يكرمك يارب --

ياريت يا محمد
تذكر كاتب الموضوع
--- ربنا يكرمك يارب --