الحياة أصعب مما نتوقع أو نفترض، الحياة جهاد مستديم حتى لو كانت النتيجة الخيبة

الأدب والأخلاق ... العلاقة الملتبسة!

العلاقة بين الأدب والارتقاء بالإخلاق الإنسانية قضية ملتبسة، أو تبدو أنها كذلك حسب زاوية طرح السؤال إذ لاتوجد وسيلة احصائية من الناحية الاجتماعية تبيح لنا التأكيد الجازم بان المزيد من قراءة الآداب الرفيعة يؤدي بشكل محتم الى ارتقاء في القيم الاخلاقية للافراد والجماعات، لكن غياب مثل هذه الاحصاءات لايعني استحالة الاجابة عن العلاقة بين الأدب والأخلاق وباتجاه الايجابي.

فالشخصيات الرديئة والشرّيرة في الرواية والمسرح والقصة وحتى تلك التي يمكن ان تصور في قصائد شعرية تتيح للقارىء أو المشاهد الذي يجلس أمام الخشبة فرصة لا تعوّض لاكتشاف جذور الشر والقبح والمناجم النفسية التي تغذيهما.

هذا الرأي عبر عنه «ارسطو» منذ أكثر من ألفي عام، لكنه مازال يطرح بوسائل وأسئلة معاصرة إذ إني اتذكر جيداً حين كنت شاباً يافعاً قرأت رواية «الشيخ والبحر» وأنا بعد طالب في المرحلة الثانوية أعيش عالة على أبي وليس لدي هم سوى الدراسة، حين فرغت من القراءة علقت في ذهني عبارة واحدة هي: ان الحياة أصعب مما نتوقع أو نفترض، الحياة إذاً جهاد مستديم حتى لو كانت النتيجة الخيبة كما حدث للبطل العجوز في الرواية التي ذكرنا. ‏

إن التأثير الإيجابي لقراءة الأدب قد لايتفق في آثاره الاخلاقية مع جميع الناس الذين لديهم هواية القراءة المعمقّة وهذا أمر طبيعي لكني لاحظت من خلال الصلات الاجتماعية والصداقات والمعارف ان اغلب الذين يقرؤون بشغف واهتمام يتمتعون بحس اخلاقي ورهافة في الذوق وان كان ذلك بدرجات متفاوتة على صلة بالظروف الخاصة بكل انسان . ‏

إن الأدب ليس موعظة حسنة بكل تأكيد لكنه يطرح الأسئلة عن وجودنا وجدواه ومعانيه وتعدد الرؤى وزوايا النظر لدى البشر، وهومن هذه الزاوية بالذات يكشف للقارىء المناجم العميقة للنفس الانسانية سواء كانت تلك الشوائب السلبية أو الخصال الايجابية في الشخصية الانسانية وهو لذلك يتيح للفرد القارىء حرية حقيقية في مجال الاكتشاف والاختيار لايستطيع من يقرأ رواية خريف البطريرك لماركيز أن يحب شخصية الدكتاتور الظالم المتجبر السفاح، ومن يقرأ رواية الألماني مارياك المعنونة للحب وقت وللموت وقت يعرف جيداً معنى الاخلاص للعشيق من جهة،ومن جهة أخرى معاني وجود وطن معافى قياساً بحطام الأوطان. ‏

بكل تأكيد إنه ليس من مهام الروائي أو المسرحي ان يقدم مواعظ لأن الرواية والمسرحية أبعد ماتكون عن هذا. القارىء هو من يستطيع ان يتوصل الى الاستنتاجات الاخلاقية في حياة الناس عبر فهمه لنماذج الشخصيات ومدى تفاعله معها وهذا لايشمل بالطبع ذلك الأدب الذي يمكن أن نسميه بالأدب الأسود لان هذا الأخير لايدخل في نطاق الأدب الانساني الرفيع. ‏

بارك الله فيك

بكل تأكيد إنه ليس من مهام الروائي أو المسرحي ان يقدم مواعظ لأن الرواية والمسرحية أبعد ماتكون عن هذا. القارىء هو من يستطيع ان يتوصل الى الاستنتاجات الاخلاقية في حياة الناس عبر فهمه لنماذج الشخصيات ومدى تفاعله معها وهذا لايشمل بالطبع ذلك الأدب الذي يمكن أن نسميه بالأدب الأسود لان هذا الأخير لايدخل في نطاق الأدب الانساني الرفيع.

هذا حقيقي
جزاك الله خيرا
وننتظر المزيد

شكرا لمشاركتكم ودائما اتطلع للافضل