أمهات النبي

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين الحبيب الحبيب الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم.
ولا زلنا نتحدث عن الحبيب وكأني أراه رضيعا وكأني أرى هذا الوجه المشرق الذي يطل علينا، هانتكلم النهاردة عن أشهر مرضعة شرفت برضاع حبيبنا النبي صلى الله عليه وسلم حليمة السعدية مرضعة لم تتعلق برضيع كما تعلقت بالحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم والحقيقة كان من عادة الأشراف والنجباء في العرب أن يهتموا بتنويع تغذية أطفالهم، وكانو يرسلونهم للبادية عشان يتعلموا الفصاحة ويتعلموا الرماية ويتعلموا الفروسية، وهذا دليل على أنهم عل قدر من المكانة.
جده عبد المطلب لم يبخل عليه بشيء كل حاجة حلوة كانت تتم لولد عايش بين أمه وأبيه كان جد الحبيب صلى الله عليه وسلم يعملها له.
وكالعادة كل فترة ييجوا المراضع من بني سعد ومن غيرها يدوروا على الأطفال عشان ياخدوهم، ما فيش مرضعة إلا وشافت حضرة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، لكن تعرف أنه يتيم تقول هاعمل بيه إيه، دا إحنا بننتظر الخير اللي ها يجي من وراه، إنما ده يتيم مين هايدينا ومين هايسأل، وكادت حليمة تعود مثلهم، ولكن قبل أن تعود قالت طيب وبعدين هارجع كده كل واحدة راجعة بطفل وأنا راجعة مافيش لما أروح أخد اليتيم ده.
وزوجها أيضا حثها على ذلك قال لها روحي يمكن يجعل لنا فيه خير ويكون نسمة مباركة، وفعلا أول ما أخذته وبدأت ترضعه الخير الوفير والرزق العميم سواء في عافيتها وصحتها سواء الرزق من خلال أغنامها التي كانت في قمة الضعف أصبحت موفورة الرزق، شعروا جميعا أنه نسمة مباركة وأول ما أخذته كان في قطيفة حمراء، شوفوا بقى وجه القمر النبي صلى الله عليه وسلم وهو في قطيفة حمراء.. بصت على عينه ما قدرتش تسيبه أبدا.. وكأنه يقول لها إوعي تكوني فيا من الزاهدين أوعي تسيبينى أنا هايكون لي معاك شأن كبير.. وفعلا بروح الأم بإحساس الأم أخذته في حضنها وماقدرتش تسيبه وراحت بيه بني سعد وشافت الخير الكبير من يوم ما بدأت ترضعه، لدرجة أن جارتها بيقولوا يا ترى هي بتودي أغنامها فين روحوا وراها شوفوا بيسقوا فين وبيرعوا عشان يرجعوا شباعا بهذه الصورة، ما كانوش عارفين إن الخير هنا في بيتها، الخير كله اللي هما تركوه وزهدوه هنا، هي اللي ربنا كرمها واحتوته.
لكنها لاحظت عليه شيئا عجيبا وشيئا غريبا، إنه لا يشب كما يشب الأطفال، كان كل يوم فيه تغير جديد، وكانت سعيدة به كل السعادة، حتى كبر وبقي صبيا، راحت واخداه ورايحه لأمه لأن هذه عوايدهم بره وإن كانت موش عايزة تسيبه.
لكن خافت من كتر ما شافت مظاهر فوق قدرتها وتفكيرها، راح لحبيبته أمه ورجع لحضن أمه وكان بدأ يفهم وبدأ يتعرف كان عنده حوالي 6 سنوات، سعدت به أمه وسعد به جدا جدا جده، وكان يفرش له عباءته ويضع فيها النبي صلى الله عليه وسلم، كان فخورا به قوي.. ليه؟ ما كانش قادر يلاقي تفسير لهذه المحبة وهذه المهابة وهو طفل صغير، كان مع أمه ودي بقى الأم الثالثة شابة فتاة اسمها بركة، كانت جارية لآمنة وكانت تقوم بخدمتها وخدمة الصبي، وعاش الصبي حياة هادئة جميلة حتى اشتاقت السيدة آمنة أن تزور قبر زوجها وفي نفس الوقت تعرفه على أخواله، وسافر الثلاثة راحوا على المدينة، وهي داخلة المدينة أصابتها الحمة، المهم أتمت الزيارة على عجالة لكن قالت لازم أتوقف وأزور عبد الله، وقفت أمام القبر كأنها عايزه تقول له شوف ابننا بقى صبي يافع جميل الصورة إزاي.. كأنها عايزة تقول كتير.. لكن حبست دموعها عشان النبي صلى الله عليه وسلم، كله بشاشه وكله أحاسيس فكان يتطلع إلى عينيها.. إن رآها تبكي بكى وإن رآها حزينة حزن.. إلا أنها شعرت بثقل الحمى عليها وفي مدينة اسمها الأبواء لفظت أنفاسها الأخيرة وأصبح الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم لوحده وفجأة أصبحت بركة بعد أن كانت مساعدة لأم، وجدت نفسها فجأة في الطريق القفر بعد أن خلى الهودج من أمه أصبحت هي أمه.. الصبي تجرع اليتم مرات.. أول ما شاف الدموع ولوعته جمعت كل صفات الرحمة والحب والحنان واختصته بها واحتوته وصاروا في موكب حزين.. وصبر الحبيب على اليتم مرات لأنه من عادته ألا يشكوا فكان يبكي في صمت.
أم رابعة احتوت الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم تربية ورعاية بمحبة وحنان دون تفرقة هي فاطمة بنت أسد زوجة عمه أبو طالب بوصية من جده عبد المطلب لما انتقل.. آخر دفقات الحب العظيم.
وانتقل راضيا إلى بيت عمه أبي طالب ولكنه وجد حضنا دافئا حنونا مافرقتش في يوم بين أولادها وبينه وعشان ذلك لم ينس لها هذا الفضل، ولما أسلمت وهاجرت للمدينة دفنت في عباية النبي صلى الله عليه وسلم ودعا لها.
وهكذا عاش أصغر يتيم بين أمهات كل واحدة فيهم اديته كل اللي عندها.
وياريتنى كنت واحدة فيهم لأن حبنا للحبيب المصطفى يجعلني أتمنى أن أكون أمه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مشكور