الرسول صلى الله عليه وسلم مبتسما2

هذا الصحابي اسمه "نعيمان" صاحب "نكت ومقالب" بلغة العصر، نعيمان هذا في مرة
من المرات سمع أن أعرابيًا سيأتي النبي عليه الصلاة والسلام ومعه ناقة، فدخل هذا
الإعرابي يسأل عن الإسلام ودعوة الخير، فبعض الصحابة وضعهم الاجتماعي ووضعهم
الثقافي بلغة العصر ليس ككبار الصحابة، ويعرون أن نعيمان تنكشه أي كلمة ... قالوا:
يا نعيمان إنا قوم جوعى .. فهل عقرت هذه الناقة؟ فهذا بالتأكيد

جايب هدية للرسول عليه الصلاة
والسلام ويريد أن يعطيها إياه فستنحر هذه الإبل فأنت من بدري خلص عليها، فقال:
تكتمون عني؟ يعني لو صار شيء ثان تكتمون، فقالوا: خلا نكتم عنك .. فذهب نعيمان وعقر
هذه الناقة، فخرج هذا الإعرابي وإذ به وجد الناقة قد عقرت واللحم يوزع بين الناس،
فرفع صوته قد عقرت الناقة، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم مسرعًا فهذا يريد هدايته
وتوجيهه ونصحه، والصحابة مباشرة فعلوا ما فعلوا, ما الأمر؟ قالوا نعيمان.. فخرج
نعيمان مباشرة إلى بيت من البيوت مستخفيًا، بيت عبد المطلب من جهة أقارب النبي عليه
الصلاة والسلام واختار القرابة لأنه ذكي .. هو مضحك لكنه ذكي . فإذا جاء من جهة
قرابة النبي صلى الله عليه وسلم فلن يؤذني .. هو لن يؤذي عليه الصلاة والسلام ولكن
لن يصنع لي شيء، فقيل له أين نعيمان؟ قالوا في بيت فلان .. خرج الرسول صلى الله
عليه وسلم وطرق الباب، فوجده مستخفيًا، فقال تعالى يا نعيمان .. فجاء إليه .. فقال:
ما الذي جرأك على ذلك؟ قال أصحابك يا رسول الله .. هم اللي وشوا علي وهم الذين
حرشوني وجعلوني أعقر هذه الناقة، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم وقال له: ادفع
ثمنها يا رسول الله .. عشان خاطر ما أكون مطلوب من هذا الرجل أنت ادفع الثمن حتى لا
تصير مشكلة . بأبي هو وأمي عليه الصلاة والسلام .. فلاحظوا كيف يتقبل الناس ويبتسم
في وجوههم، ويعفوا عنهم ويسامحهم، فقط يريد أن يتعرف على الخطأ أين هو؟ أما مسألة
الابتسامة فهي موجودة .
ومرة من المرات خرج لحضور وليمة .. أحد الصحابة ناداه
.. قال عندي يا رسول الله طعام وعشاء .. قال سأتيك .. خرج في الطريق وإذ به يجد
الحسين يلعب عند طرف الباب ومعه اثنين أو ثلاثة من الصغار .. فترك النبي صلى الله
عليه وسلم القوم وذهب إلى الحسين ومد يديه يلاعب الصغير إذا جاء يمين يأتيه يمين
وإذا جاء يسار يأتيه يسار .. فيضاحك الحسين رضي الله عنه وأرضه ثم حمله ووضعه بين
يديه عليه الصلاة والسلام .. كل الصحابة ينظرون إلى هذا المنظر يعني يتأملون . يترك
كبار الصحابة والرجال وربما بعضهم يسأل سؤال علمي وفتوى معينة .. فعلى طول هذا
الموقف الإنساني جعله يبتسم ويتحرك خلاله وعلماء النفس يقولون أن الصغار يدخلون
السرور على النفس وتهدأ الأرواح وسبب ذلك أنهم من أكثر الناس تبسمًا .. يعني الصغار
كثيروا التبسم والضحك .. وتجد إنسان إذا وجد الصغير يضحك مباشرة ترتاح نفسيته
وبعضهم يقول بس لما أروح البيت .. خللي الصغار يأتون إلي فألاعبهم وأضاحكهم فتتغير
كثير من الأوضاع الاجتماعية .
كذلك نجد أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل من
الابتسامة حياة .. بما تعنيه كلمة حياة من معنى .. الابتسامة في المواقف الصعبة
الابتسامة في بعض الفرائض، يعني مرة من المرات صلى الفجر ثم سأل الصحابة، من صلى
منكم الصلوات في جماعة؟ من زار اليوم مريضًا؟ من شهد جنازة؟ من تصدق بصدقة؟ فرفع
أبو بكر الصديق رضي الله عنه يديه .. فقال أنا يا رسول الله .. فضحك رسول الله صلى
الله عليه وسلم وقال والله ما اجتمعن عند رجل إلا دخل الجنة .. حتى في الإجابة لاحظ
أن القضية هي عبارة عن سؤال وجواب .. مع السؤال يجاوبه عليه الصلاة والسلام
بابتسامة وضحك .. ومن أجل أن يدخل السرور على أنفسهم عليه الصلاة والسلام .
هذا
منهج .. منهج حياة ... وبعد صلاة الفجر في مرة من المرات كانوا يتذاكرون بأمر
الجاهلية .. يعني صلوا الفجر وذكروا الله سبحانه وتعالى ثم أخذوا يتبادلون النكت
واحد قال نكتة، والثاني قال نكتة، والثالث ذكر موقف من أيام الجاهلية، والرابع
والخامس، وما يزيد النبي صلى الله عليه وسلم إلا أن يضحك ويبتسم .. يعني ما عنده
غير هذا .. بسام ضحوك وفيه هيبة .. يعني هيبته لا تمنعه أن يبتسم .. هيبته لا تمنعه
أن يضحك .. ولا يزيد على رفع الصوت .. القهقهة والصوت العالي لا يفعل ذلك عليه
الصلاة والسلام وإنما يشاركهم في أفراحهم .
ومرة من المرات قد نستغرب، أن
الصحابة الكرام وهم في لحظة الطعام يأكلون ويشربون أكلوا البطيخ، فلما أكلوا البطيخ
وانتهوا منه واحد ينظر للثاني ويغمز عليه، فأخذ البطيخة ورماها عليه، الثاني تأثر،
لاحظ أن البطيخ لما يرمى عليك ممكن أن تتسخ ثيابك، جاء الثاني فرماها على الأول،
فتخيل مجلس نبوي والناس تضرب بعض بالبطيخ، والنبي جالس عليه الصلاة والسلام والنبي
يضحك ويبتسم ولا يصنع لهم شيء بس خدوا حريتكم خدوا طبيعتكم، الإنسان الطبيعي البسام
وفيه الهيبة، وفي نفس الوقت لا يضرب بقوة فيه نوع المعاركة ونوع من المصارعة ولكن
بشيء جميل جدًا .
وأنا شايف الجميع مبتسمين .. فنسمع من عصام موقف ثم نسمع من
أخينا موقف .
عصام : بسم الله الرحمن الرحيم, والصلاة والسلام على أشرف
الأنبياء والمرسلين, سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .. بصراحة ما أجمله من موضوع
موضوع الابتسامة، الرسول صلى الله عليه وسلم مبتسمًا ما أروعها من
ابتسامة.
علينا نحن كدعاة أن نعرف فن الابتسامة، لأنه هو بأبي وأمي عليه أفضل
الصلاة والسلام هذا كان هديه عليه الصلاة والسلام، وأذكر موقف "نعيمان" عندما كان
في السوق فرءاه الرسول صلى الله عليه وسلم فضمه من خلفه، وكان يقول من يشري هذا
العبد، من يشتري هذا العبد، ونعيمان عرف صوته فكان يقرب جسده من جسده عليه الصلاة
والسلام، والرسول يقول من يشتري هذا العبد؟ ونعمان يقرب فكان حتى في ضحكاته ومزحه
حقًا صلى الله عليه وسلم .. وجزاكم الله خير
د. علي : نفع الله بك .. جميل ..
نسمع من إدريس .. تفضل.
إدريس : الحمد لله رب العالمين .. بصراحة استفدنا من
حلقة مثمرة استفادة كثيرة وأريد أن أذكر من الدروس المستفادة من النبي صلى الله
عليه وسلم مبتسمًا .. كما ورد في الحديث رواه الإمام مسلم في صحيحه .. تبسمك في وجه
أخيك صدقة .. أو كما قال عليه الصلاة والسلام وأيضًا في موقع آخر كما فعل النبي صلى
الله عليه وسلم مع الطفل لتسليته قال: يا أبا عمير ما فعل النقير؟ .. وكلنا لابد
لنا أن نتحلى بسيرة النبي صلى الله عليه وسلم ونتعلم من أخلاق النبي صلى الله عليه
وسلم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
د. علي : هذه لمحات من لمحات النبي
صلى الله عليه وسلم ومواقفه اللطيفة الجميلة في شأن الابتسامة، والموضوع جميل
ومواقف كثيرة للنبي عليه الصلاة والسلام .. لذلك بنفس العنوان النبي صلى الله عليه
وسلم مبتسمًا، لأؤكد على معاني راقية وهي أن الابتسامة حياة، يحيا بها النبي عليه
الصلاة والسلام في مواقفه المختلفة أول ابتسامته عليه الصلاة والسلام كانت لأهل
بيته لزوجاته رضي الله عنهن وأرضاهن، حتى لا يكون الإنسان مبتسمًا مع أصدقاءه في
العمل، ثم يأتي إلى بيته مكفهرًا، بل منهجه عليه الصلاة والسلام إدخال السرور على
أهله، والعوامل التي تساعد في ذلك، كانت تأتي تلك المرأة المشهورة أو عرفت بالضحك
والابتسامة لتدخل السرور على أهل بيته وتدخل الحنان والمودة والألفة والوداد في هذا
المكان الجميل، ثم بعد ذلك ابتسامته في المسجد النبوي، ابتسامته ومزاحه بين أصحابه
وزملاءه وإخوانه .. ابتسامته مع أعداءه الذين عادوه وكيف أنه عليه الصلاة والسلام
كان يتودد لهم بالابتسامة .. ومواقفه الرائعة التي تجذب القلوب، الابتسامة حياة
ومنهج من مناهج النبي صلى الله عليه وسلم في التعامل، علينا أن نغير ما في ذواتنا،
نغير ما في أنفسنا.
وفي الحلقة القادمة إن شاء الله نكمل المواقف والمواقف حتى
نستثمر هذا الفن ونعيش حق المعيشة ويكون لنا منهج حياة .. أسأل الله تبارك وتعالى
أن يحيينا حياة طيبة وأن يجعلنا من المتبعين لسنة سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم
.. رزقنا الله وإياكم الابتسامة والحياة الطيبة السعيدة.
وإلى لقاء آخر..
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.