الرسول صلى الله عليه وسلم مبتسما3

بسم الله الرحمن الرحيم.. الحمد لله رب العالمين..
والصلاة والسلام الأتمان
الأكملان على المبعوث رحمة للعالمين..
وسيد ولد آدم أجمعين..
إمامنا,
ونبينا, وقدوتنا, وأسوتنا, ورسولنا محمد صلى عليه وسلم..
السلام عليكم ورحمة
الله وبركاته..
نحن في حلقة متابعة لجمالها؛ لأنها حلقة الابتسامة الرسول صلى
الله عليه وسلم مبتسمًا.. وعدتكم أن أكمل في هذه الحلقة مواقفه صلى الله عليه وسلم
في فن الابتسامة, وكيف كان يستفيد منها في حياته.. وأن هذه الابتسامة فن حياة يعامل
بها الإنسان إخوانه وأهله.. بل حتى من عاداه فترة من الزمن.. وقلت أن أجمل ما في
الابتسام عندما تكون للأقربين لوالديك لزوجتك لأولادك؛ لأنهم أولى الناس بهذه
الابتسامة..
دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على زوجته عائشة وكانت تخبئ لها
لعب قديمة.. فوضعتها وكان هناك ستار يغلق هذه اللعب، فهبت ريح فحركت هذه اللعب
وأظهرتها، فقال عليه الصلاة والسلام لعائشة ما هذه اللعب؟ قالت بناتي.. أنا أعتبرهم
مثل بناتي.. فهي لم يولد لها أحد.. فوجد من بين هذه اللعب عليه الصلاة والسلام لعبة
فيها جناحان.. فرس له جناحان.. فنظر صلى الله عليه وسلم وقال ما هذه.. قالت: فرس..
فقال عليه الصلاة والسلام وهل للفرس جناحان؟ فقالت رضي الله عنها وأرضاها: أما سمعت
أن لسليمان خيلا كانت لها أجنحة.. فهي تقول يعني واحدة بواحدة، فمشيها لي.. فكان
عليه الصلاة والسلام يداعبها, ويضاحكها, ويناقشها في مثل هذه المسائل..
قد
تستغرب أنه يعني النبي عليه الصلاة والسلام يناقش في مثل هذه المسائل, ويداعب في
مثل هذه المسائل.. يعني أين وقته تقول هو مشغول بالدعوة مشغول بالاهتمام بالناس
عنده وقت يتكلم في قضية اللعب وإيش قصة الجناحان, وإيش قصة هذه اللعبة، لأنه هو
يقوم بأبي وأمي عليه الصلاة والسلام يشارك في أمور الحياة.
وكما قلت في الحلقة
الأولى الرسول إنسانًا.. يعيش مثل ما يعيش الناس ويتحدث معهم ويتعبد إلى الله
سبحانه وتعالى بمثل هذه المواقف والمواطن.. لذلك قال: وتبسمك صدقة.. جعل حتى حركة
الأوداج التي لا تكلفك شيء أجر عند الله سبحانه وتعالى.. وأنا أقول للإخوة المهتمين
بالتمثيل ومهتمين بالفقرات الاجتماعية الجميلة إذا أنتم هذا تخصصكم, وهذا فن أعطاه
الله سبحانه وتعالى لكم شاركوا بالتمثيليات الهادفة الجميلة اللي فيها ابتسامة وفي
الوقت نفسه تشاركون بالمواقف البطولية التي فيها نصرة الإسلام والمسلمين والحديث عن
الأب والأم كلها بالضوابط الشرعية بأن ندخل السرور والابتسامة.. يعني تخلي السرور
والابتسامة طرفًا ممكن تدخله بالكلمة بالموقف بالتمثيل بالمشهد بأي شيء يدخل السرور
على إخوانك وأصحابك..
وكذلك وجد في البيت عليه الصلاة والسلام أنا قاعد أركز
الآن على الابتسامة في البيت النبوي.. يعني إحنا نسميها بلغة العصر المقالب.. اجتمع
زوجات النبي صلى الله عليه وسلم وقالوا نريد نختار امرأة تحدثه في شأن جلوسه في بيت
عائشة، هم يرون أن له ميلا لبيت عائشة والجلوس في بيتها، وهذا أمر طبيعي.. اللهم
هذا قسمي فيما أملك فلا تؤاخذني فيما تملك ولا أملك.. يعني شيء طبيعي جدًا.. فاخترن
فاطمة بنت الرسول صلى الله عليه وسلم.. فتحدثوا معها وكلموها وقالوا تحدثي معه بشأن
عائشة.. يعني أنت جالس في بيتها وأنت جالس معها وكذا.. علمًا بأنه عادي عليه الصلاة
والسلام, ولكنهم يريدون اتخاذ موقف.. ففاطمة فهمت أنهم يقصدون حديثة في ذلك ويعني
ترضية لهن زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم وهذا والدها.. فهي تبر بهم وتحبهم
كذلك.. فذهبت إلى بيت الرسول صلى الله عليه وسلم وهو في بيت عائشة.. فحدثته في شأن
زوجاته.. وعائشة تسمع، وبينما هي على هذه الحال تريد أن تتكلم تريد أن تعلق تريد أن
تقول موقفها، فتنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم والنبي صلى الله عليه وسلم ساكت
ما يتكلم في شيء.. ثم تزيد فاطمة.. ما يتكلم في شيء.. فلما لم تجد لديه إجابة لا من
عائشة ولا من الرسول صلى الله عليه وسلم.. خرجت.. فاجتمع الزوجات إيش سويتي.. قالت
والله تكلمت وقلت اللي فيه النصيب وكلام مؤدب ومحترم بس ترى رسول الله صلى الله
عليه وسلم مبتسم ساكت ما يسوي شيء.. قالوا ما وجدتيه يفعل؟ قالت ليس إلا الابتسام..
طيب وعائشة إيش علقت؟ قالت تنظر الرسول مبتسم وهي سكتت كأنها فهمت عائشة رضي الله
عنها أنك تراني راض عنك وأنا مبتسم في وجهك فلا يهمك.. فقالوا الخطة تغيرت دعونا
نختار واحدة أخرى أقوى.. تحرك عائشة أكثر.. فاختاروا زينب رضي الله عنها فقالوا لها
تكلمي.. دخلت إلى بيت عائشة فزينب متكلمة تحدثت وتكلمت وحركت عائشة حركت الكامن..
فتنظر للنبي وهو مبتسم.. تراني راض عنك.. لكن الكلام زاد والنساء مع النساء فيه
غيرة، فما استطاعت أن تتحمل الموقف فتكلمت وردت عليها فأفحمتها.. فإذ بالنبي صلى
الله عليه وسلم يضحك.. فقال والله إنك لبنت أبي قحافة.. ما يرضيك الكلام.. تأخذين
حقك بنفسك.. فضحك عليه الصلاة والسلام..
وكذلك موقفه في حادثة الإفك.. لما
ابتليت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وصار الأمر صعبًا شديدًا عليها بل حتى
شديدًا عليه والوحي لم ينزل 40 يومًا فلم يدر النبي صلى الله عليه وسلم ماذا يفعل،
فذهبت عائشة إلى أبيها لتتكلم ما عنده جواب، أمها ما عندها جواب، فجلست في حالة حزن
وفي حالة مشقة.. ثم لما جاء نزول الوحي ببراءتها رضي الله عنها وأرضاها فابتسمت
وفرحت فدخل عليها عليه الصلاة والسلام بابتسامة وبجمال.. فقال لها عليه الصلاة
والسلام قد أنزل الله براءتك.. فقالت ليست منك.. هذه البراءة جاءت خاصة من الله
سبحانه وتعالى.. أنت ما قدمت لي شيء.. فضحك البني عليه الصلاة والسلام وقال والله
إنك لبنت أبي بكر.. يعني تربية رباها والدها على معان وعلى قيم.. وكذلك ربتها
الأسرة المسلمة ورباها هو عليه الصلاة والسلام على أن تأخذ موقفه وأن تقول كلمتها
التي ترضي فيها نفسها, وتطمأن وترضى عما صنعت وعن الموقف الشريف الذي وقفته رضي
الله عنها وأرضاها..
لازلنا في ضحكه في بيته.. ونركز على هذا المعنى كثيرًا..
يا كل مسلم وكل أب وكل زوج ويا كل داعية وكل ملتزم وكل إنسان صالح.. ابتسامتكم
الأولى في بيتكم.. مرة من المرات خرج عليه الصلاة والسلام ومعه أصحابه.. وزوجته
معه.. ما هو عيب خارجين إلى مكان إلى نزهة إلى تمشية معينة.. فقال لأصحابه
اسبقونا.. الآن تقدمونا.. فاستغربوا ماذا عنده.. فقال لعائشة عليه الصلاة والسلام
أتسابقينني.. فقالت رضي الله عنها وأرضاها أسابقك.. فجريا في الطريق فسبقها عليه
الصلاة والسلام فهي أخذت تعلق بنت أبي بكر بنت أبي قحافة عندها تعليق كلام تقوله..
فقالت إني شحمت.. يعني لما سبقها عليه الصلاة والسلام أنها ذات لحم.. يعني في المرة
الأولى سبقت وهي الآن بدنت وصار الشحم واللحم.. فقالت إني الآن بدنت صرت صاحبة
لحم.. فقال عليه الصلاة والسلام مضاحكًا لها هذه بتلك.. هو الذي بادر باللعب معها،
وهو الذي بادر بالاقتراح باللعبة معها وهو الذي ضاحكها وآنسها عليه الصلاة
والسلام.. كان أصحابه موجودون معه.. فوجد أن هذا الموقف موقف جميل خاص لها.. فقال
لأصحابه أسبقوننا تقدموا قليلا.. وهذا الموقف يحتاج أن ألاعب زوجتي وأضاحكها.. فهو
يحتاج إلى إعطاءها لجو من الأنس, وإعطاؤها جو من الفرح والابتسامة.. بأبي هو وأمي
عليه الصلاة والسلام..
ومرة من المرات صار هناك مغاضبة ورفع صوت قليل من عائشة
وحفصة، وهذا لا نستغربه الحياة بشرية نعم هيبته, وحبه, وعظمته, وموقفه معهم صلى
الله عليه وسلم معروف، وأدبهم الكبير معه كذلك معروف، لكن هنات البشر وإنسانية
الإنسان موجودة حتى يكون قدوة ويكون أسوة.. فارتفع صوتهما قليلا فنزل قوله سبحانه
وتعالى: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ
تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ
الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ} (التحريم:4) فابن عباس يريد
أن يعرف تفسير الآية.. ويريد أن يعرف ما هو معنى الآية.. فيقول رضي الله عنه فبقيت
سنة كاملة أحرص أن أسأل عمر بن الخطاب.. طبعا بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم..
ومن أدبه الجميل ابن عباس حبر القرآن يعني عنده توقع أن هذا قد يكون فيه حفصة بنت
عمر بن الخطاب، فجلس سنة كاملة ساكت يريد أن يسأل لكن متى الموقف المناسب.. فجاءت
اللحظة المناسبة في يوم الحج.. بعد سنة.. فسأل أمير المؤمنين، فقال يا أمير
المؤمنين إني أسألك عن قوله تعالى: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ
قُلُوبُكُمَا }.. فيمن نزلت.. فقال عمر.. ألا تعلم يا بن عباس.. نزلت في حفصة
وعائشة.. قال: ما الأمر؟ قال كان نساءنا لا يرفعن أصواتهن وحالة الزوجات في العهد
المكي في العهد الأول معروف ولنا قوة ولنا سلطة.. لما احتكينا بنساء الأنصار
زوجاتنا مع زوجات الأنصار صار في احتكام وجدنا أن نساء الأنصار لهم كلام ولهم تعليق
ولهم شيء يقولونه أمام أزواجهم ما يمرون الكلام لهم حق التعبير، فغلبنا نساءنا..
فغلبن نساء الأنصار حتى مع الرسول صلى الله عليه وسلم بدأت حفصة وبدأت عائشة رضي
الله عنها يقولن آراءهن وربما رفعن أصواتهن أحيانًا.. فنزلت هذه الآية {إِنْ
تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ
فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ
وَالْمَلائِكَةُ}.. فقال عمر بن الخطاب وجدت ذلك في الحزن عليه.. فكانت له مشربة
مكان في المسجد مرتفع قليلا يجلس عليه.. وبلال تحت.. فاستأذن.. قال ائذن لي الرسول
صلى الله عليه وسلم أن أدخل عليه.. فدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال إن
عمر بن الخطاب يريد أن يدخل عليك.. فسكت عليه الصلاة والسلام.. ونزل فقال عمر أريد
أن أدخل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ساكت.. ما تكلم معي بشئ ولا أستطيع أن
أدخلك عليه.. لاحظوا الأدب والتربية.. أحيانا في فترات ليس من المناسب أن تدخل على
إنسان.. ليس من المناسب أن تدخل على الأهل.. ليس من المناسب أن تحدث الأولاد أو
تفتح عليهم بطريقة مختلفة كل شيء له أدبه وسمته, وإن كان عمر بن الخطاب.. وإن كانت
ابنته مع الرسول صلى الله عليه وسلم.. وبلال عبد ضعيف مستضعف، بلال الحبشي لكنه هو
الخاص هو الذي يأذن هو الذي يفتح الباب أو لا يفتح.. هو عنده القرارات هو الآن ممكن
أن يسمح لك أن تكلم الرسول.. والرسول الآن مشغول ما أسمح لك.. كيف أعزه الله كيف
رفع الله سبحانه وتعالى مكانته.. فعمر بن الخطاب في المرة الثالثة أذن له النبي
عليه الصلاة والسلام أن يدخل.. فأخذ يلاطفه يا رسول الله إن أردت أن أضرب حفصة..
أنا خلي حفصة علي أن أتولى أمرها.. وأهم شيء أنت ترتاح وأهم شيء أنت تنبسط.. وأهم
شيء أنت تسر، فسر النبي صلى الله عليه وسلم بتعليق عمر بن الخطاب فتبسم في وجهه رضي
الله عنه وأرضاه ورجع إلى أهله.. فلاحظوا كيف حلت القضية بالابتسامة والرضا وحل مثل
هذا الموقف.