الرسول صلى الله عليه وسلم أسوة2

بسم الله الرحمن الرحيم.. نواصل الحديث عن قدوة النبي
محمد صلى الله عليه وسلم, وكيف كان يفعل مع أهل بيته الأقربين تحدثنا عن مواقفه
عليه الصلاة والسلام مع أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها, وأرضاه, وأكدنا على أنه
عليه الصلاة والسلام القدوة, والنموذج في بيته؛ لأن أولى الناس بالبر, وأولى الناس
بالاستفادة منك.. هم أهل بيتك لأن التأثير مباشر, والجلوس معهم كثير فبالتالي ممن
أن نخرج نماذج من هذا البيت من هذا المكان يؤثر في كثير من المجتمع, وسنرى في مواقف
كثيرة للنبي عليه الصلاة والسلام في حلقات أخرى كيف أنه يركز على المجموعات
الصغيرة؛ لأن التأثير أبلغ فنجد مثلا عليه الصلاة والسلام يجلس في دار الأرقم بن
أبي الأرقم مع مجموعات قليلة سبعة عشرة.. أشخاص يتأثرون بسلوكه, يتأثرون بأخلاقه,
يتأثرون بأفعاله ثم ينطلقوا.. فيكون سبعة سبعة يأثرون في عشرات الأخيرين نجد أنه
عليه الصلاة والسلام يؤثر في المجموعات الصغيرة وهو بلا شك يؤثر في المجموعات
الكبيرة, ولكن يعطينا نموذج, وقدوة تحدثنا في حلقة البارحة عن ثمامة بن أثال كيف أن
النبي عليه الصلاة والسلام عندما أمر أن يربط في سارية فترة معينة في المسجد
النبوية.. ما اختار له سجن, وما اختار له معتقل معين.. لا.. اختار له المسجد النبوي
ليرى بنفسه ثمامة بن أثال كيفية عبادة النبي عليه الصلاة والسلام, أخلاق الصحابة,
سمت الصحابة.. آلية التعامل في ما بينهم.. النموذج الصالح بين عينيه حين إذا دخل في
دين الإسلام, وكان مع المؤمنين هذا بفضل من الله سبحانه وتعالى.. ثم بالسلوك
الأخلاقي, والسلوك الراقي الذي فعله صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم.. صلح
الحديبية قلت أنه أسلم في هذا الفترة أضعاف ما أسلم مما قبل في السنوات السابقة,
وسبب ذلك هو الاحتكاك والأخلاق المباشرة, والقدوة التي رآها أولئك الكفار من صحابة
الرسول صلى الله عليه وسلم طبعا كل إنسان الآن يريد أن يكون قدوة {وَاجْعَلْنَا
لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً} ويتمنى أن أولاده, وأصدقائه, وأحبابه يكونون قدوة,
ويكونون لهم دور في المجتمع.. إبراهيم عليه الصلاة والسلام طلب ذلك.. طلب أن يكون
إمام, وقدوة, فأعطاه الله سبحانه وتعالى الإمامة..{قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي} يعني
أيضا يريد أأمة, ويكون أبناءه قدوة في المجتمع فقال الله سبحانه وتعالى له {لا
يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} لأنه من أبناءك يا إبراهيم من هو على سلوك, وفعل
غير السلوك الذي تفعله أنت ففيه معصية, وفيه غفلة, وفيه بعد عن الله.. فبالتالي هذا
العهد لا يناله أولادك فهي المسألة ليست منحة, وليست أوسمة, ولا فلان يكون رئيس إذا
فلا بد أن يكون ولده رئيس, وليس أن يكون هو مسئول لازم أن يكون أولاده مسئولون.. لا
هؤلاء لا يصلحوا للإمامة لا يصلحوا أن يكونوا قدوة فعلمنا الله في القرآن أن
القيادة, والقدوة لا يتحملها إلا صاحبها؛ ليكون نموذج صالح بين أفراد المجتمع إذا
لا ينال العهد الظالمين, وهذه فرصة أن نتعلم من خلالها أن كل إنسان يريد أن يكون
قدوة صالحة في المجتمع يبحث عن أخلاقه, وسلوكياته, وأفعاله يبحث عن تصرفاته هل
بينه, وبين الله عهد صحيح أن لا يكون ظالم؟ فإذا كان ظالم لنفسه ليس مؤهل أن يكون
قدوة للمجتمع.. بينما القدوة الصالح هو الذي يفعل ما يقوله.. كذلك نلاحظ في مواقف
السيرة الكثير.. أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأمر الصحابة بأوامر.. لكن لا
يطبقونها أمرهم أن ينزعوا الخاتم الذهب الذي في أيديهم.. لكن الصحابة ما فعلوا ذلك
مع أنهم يتنقلون الأوامر منه ويرون سلوكه, وأفعاله, ومتأكدين أنه يوحي إليه مع ذلك
ما صنعوا شيء فقام النبي عليه الصلاة والسلام فخلع خاتمه الذهبي, ورماه في الأرض
فلما رأى الصحابة الكرام هذا الموقف كل منهم أخرج الخاتم الذهبي ورماه في الأرض..
لماذا؟ لأنهم لا يعرفون إلا القدوة.. لا يعرفون إلا النظر والسلوك المباشر هذه
تختصر كثير من المواقف في الحياة.. ففعلك المباشر سيكون له أثره على فعل وسلوك
الإنسان سواء في البيت أو في العمل أو في المسجد أو في غير ذلك.. لما أمر النبي
عليه الصلاة والسلام الصحابة أن يحلقوا شعورهم وذلك في فترة الحج ما فعل الصحابة
ذلك, وكل منهم يريد أن يقول: أنت ماذا تصنع؟ مع أن هو كلمهم, وأمرهم بالأمر.. لكن
سبحان الله الكلام لا يؤدي مبلغ الفعل, وهم يؤمنون أن هذا وحي يوحي إليه أمرهم
بالأمر فاستشكل هذا عليه الصلاة والسلام, وذهب لمن ذهب لأم سلمة.. يعني الصحابية
ولا أم المؤمنين التي تحدثت قبل قليل في مسألة صلاة

الركعتين, واستشكلت هو الآن يستشكل
فعل الصحابة.. فأشرت إليه رضي الله عنها وأرضاها أن يحلق هو رأسه.. فمباشرة لما بدأ
يحلق شعره جاء ألاف الصحابة كل منهم يريد أن يأخذ شعرة من شعراته عليه الصلاة
والسلام اقتتلوا عليه, وقبل قليل يأمر, ولكنه لا يصنع شيء ولاحظتم في الدرس الأول
في مكانته عليه الصلاة والسلام.. كيف أن خالد بن الوليد احتفظ بشعره وبقيت في مغفره
يقاتل بها في سبيل الله, وكيف أن أبا هريرة أهديت له شعرة فما فقدت في يوم عثمان في
مقتله.. فقال للناس هم ولي ذا اليوم همان الناس عندهم هم مقتل عثمان.. لكن أنا عندي
اليوم همان, وليس هم واحد.. فقد الكنيف أي الكنيف الذي فيه الشعرة, وفقد الشيخ
عثمان رضي الله عنه ورحمه, ونلاحظ كذلك أنه عليه الصلاة والسلام عندما يتكلم في
المواعظ الزهدية يعني بعض الناس يريد أن يزهد الناس في الحياة بكلمات.. يعني خلوكم
زهاد, ولا تأكلوا وتشربوا كثير, ولا تهتموا بالأثاث فوجد عمر بن الخطاب النبي صلى
الله عليه وسلم ينام على حصير.. يعني فقال يا رسول الله أنت يعني إمام ورئيس, وكبير
والناس تقتضي بك فهلا اتخذت لنفسك.. يعني لباسا أو مكان مهيئا للضيوف.. فقال عليه
الصلاة والسلام هذه ليست لنا.. يعني هذه الأمور المادية الدنيوية.. ليست لنا..
لأولئك الذين اشتغلوا بالدنيا وبالحياة فكلهم رضي الله عنهم وأرضاهم اقتدوا بالنبي
صلى الله عليه وسلم هذا لا يعني أنه لا يهتم بلباسه, ولا يهتم بطريقة الاحتفاء
بالآخرين لا كانت له جبة يلبسها أمام الوفد إذا جاء الضيوف قال: أحسنوا رحالكم حتى
تكون كأنكم شامة بين الناس.. يعني لك حادث موقف معين.. لكن في السلوك العام أنا
عندما أذكركم بالزهد أزهد في الدنيا يحبك الله تجد النبي عليه الصلاة والسلام في
قمة القدوة, وفي قمة السلوك الراقي عليه الصلاة والسلام, وعندما يكون الإنسان ذا
قيادة, وذا مسئولية.. يكون التشديد من النبي صلى الله عليه وسلم وعندما يكون
الإنسان محتك بالصالحين, ومحتك بالأخيار, ولا يطبق سلوكهم يكون التشديد أكثر.. أيضا
سنجد أن النبي عليه الصلاة والسلام يقول في تشديده على القدوة, وعلى الإمام الذي
يتأسى الناس بفعله.. قال عليه الصلاة والسلام.. ولا غدرة أعظم من غدرة أمام عامة..
يعني اللي هو أمام عامة رئيس مدير مؤسسة أو شركة جهة حكومية أب وعنده أبناء وذرية,
ويحتفي به ويقتضي به القبيلة مسئول العامة غدرته.. يعني الفعل الذي يغدر به, وفيه
خلاف في سلوكه هذا غدرته أعظم عند الله, ومصيبته أكبر, وبالتالي الإثم عظيم..
لماذا؟ لأنك أنت الآن مسئول أمام العامة, ويقتضي بك أعداد كبيرة جدا فمن هنا كان
حرص الصحابة على التشديد في مثل هذه المسألة الكبيرة.. نريد أن نختم هذه الحلقة
كذلك أيها الإخوة والأخوات ببيان هدي النبي صلى الله عليه وسلم في مسألة القدوة,
وأنه كان التطبيق الفعلي للصحابة الكرام لما رأوه من سلوك, ومن أخلاق وخاصة في
بيته, ورأينا أن الإنسان القائد أو المسئول أو الرئيس عليه أن يكون نموذج صالح أمام
الناس.. هذا ما فعله عمر بن الخطاب رضي الله عنه مع عبد الرحمن بن عوف في رحلة الحج
لما لبس خفه فأمره أن ينزع خفه, ويقول إنما أنتم أأمة يقتضي بكم.. ذلك لأن المسائل
الخلافية أو المسائل التي تسبب إشكال للناس أمر عمر بن الخطاب هذا الصحابي الجليل,
وإن كانت مسألة خلافية ألا يبدأ بها, وألا يحرص عليها كثيرا حتى يعلم الناس
الحقيقة.. فإذا ما تعلم الناس, وعرفوا حين إذا يمكن أن نطبق مثل هذه الأمور
الخلافية هذا توجيه رائع من خليفة المسلمين الذي استفاد من مدرسة محمد صلى الله
عليه وسلم كيف أن مسألة القدوة مسألة ليست يسيرة, وأن الاحتكاك بالناس, وتوجيههم
يحتاج إلى فعال, وإلى توجيه معين حتى يتعلموا ثم يستفيدوا, ونختم بقوله سبحانه
وتعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ
(2)
كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ} نسأل
الله تبارك وتعالى أن يجعلنا قدوة صالحة للمتبعين لسنة نبينا محمد صلى الله عليه
وسلم, وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين, وصلِّ الله على سيدنا نبينا محمد وعلى
آله وصحبه وسلم.