وقائع المواجهة الأولى بين أصحاب زرائب الخنازير و«الطب البيطرى»

وقائع المواجهة الأولى بين أصحاب زرائب الخنازير و«الطب البيطرى» فى منشية ناصر

تحقيق سماح عبدالعاطى ٢٩/ ٤/ ٢٠٠٩

<table dir=rtl cellSpacing=0 cellPadding=0 border=0><tr><td></IMG></TD></TR>
<tr><td>تصوير - محمد عبد الغنى
</TD></TR>
<tr><td align=right width=240>عامل يرش الخنازير للوقاية من الفيروسات
</TD></TR></TABLE>

تحسباً لظهور فيروس أنفلونزا الخنازير فى مصر، قامت لجنة من مديرية الطب البيطرى بالقاهرة برئاسة الدكتورة سعاد الخولى وكيل الوزارة ومدير المديرية، بجولة داخل منطقة الزرائب بمنشية ناصر، حيث قام أحد العمال برش الخنازير بمحلول الكلور الممزوج بالماء، قالت عنه الدكتورة سعاد إنه «محلول مطهر» الهدف منه القضاء على الفيروس الذى وصفته بـ «الضعيف» مؤكدة أنه لا خطورة على الإطلاق من الفيروس طالما أنه لم يدخل إلى جسم الحيوان.
اللجنة ضمت عدداً من موظفى حى منشأة ناصر على رأسهم اللواء مصطفى عبادة رئيس الحى، وشاركت فيها الدكتورة آنا أنطوانيت مدير الإدارة البيطرية بالحى، وطافت بمنطقة الزرائب، وبالتحديد داخل شارع كامل عبد المسيح، وواجهت اعتراضاً فى البداية من بعض أصحاب الزرائب خوفاً على خنازيرهم من الرش، حيث سد مكرم لمعى توفيق باب زريبته بذراعيه فى محاولة منه لمنع العامل من الدخول، قائلاً بصوت عال «أنا ماعنديش حاجة فى الخنازير بتاعتى»، وعندما حاولت الدكتورة سعاد التفاهم معه اشتبك معها فى نقاش حاد، قائلاً لها بصوت عال «أنا مش ممتنع عن الرش بس لو فيه حاجة ماتت إنت المسؤولة».
وقبل أن تعلو الأصوات أكثر مما كانت عليه تدخل أحد ضباط قسم شرطة منشأة ناصر الذى كان يرافق وعدد من رجاله اللجنة لفض الخلاف قائلاً لمكرم «أنا جاى أمثل الدولة اللى هى خايفة عليك، والرش ده فى مصلحتك، ولو حاجة عندك ماتت بعد الرش.. تعال لى القسم وأنا أعمل لك محضر ضد الطب البيطرى»، ثم مال عليه قائلاً «وبعدين إحنا مش جايبين دكتورة من الشارع، ولا من أم تلاتة تعريفة دى مديرة إدارة قد الدنيا».
بدا كلام الضابط مقنعاً لمكرم إذ سرعان ما تزحزح عن موقعه مفسحاً الطريق للعامل الذى وضع على أنفه كمامة، وحمل على ظهره ماكينة الرش ليستخدمها داخل الزريبة، مانحاً بذلك الفرصة للدكتورة سعاد بأن تتبادل حديثاً هادئاً معه حيث سألته كم رأساً من الخنازير يربى، وكيف يذبح وأين، وكم عدد الرؤوس التى يدخلها المجزر كل يوم، وعدة أسئلة أخرى راح مكرم يجيب عنها فى سهولة ويسر.
اقتناع مكرم وسماحه للجنة بدخول زريبته بدا أنه سهل من مهمة اللجنة التى راحت تطوف الزرائب واحدة بعد الأخرى، مستفهمة من أصحابها عن عدد الخنازير وحالتها العامة، وساعد على نجاح الجولة كما قالت الدكتورة آنا أنطوانيت ترددها المستمر على المنطقة لرشها بالمطهر منذ بدء ظهور أنفلونزا الطيور، بالإضافة إلى جولة قامت بها الإدارة الصحية أمس الأول لأخذ عينات من دماء أصحاب الزرائب لتحليلها والتأكد من خلوها من الفيروسات.
مراد حليم أحد أصحاب الزرائب كشف عن ذراعه ليشير إلى موضع عينة أخذوها منه أثناء تجولهم قائلاً «يعنى مش لو الخنازير فيها حاجة كان بان عليها، وبعدين احنا أدى لنا عمر معاشرينها ماشفناش عليها حاجة»،
فيما وقف يسرى صاحب إحدى الزرائب بجوار زريبته فى انتظار فراغ العامل من رشها مبدياً أسفه من الضجة المثارة حولهم «مرة يقولوا هينقلونا، ومرة يقولوا الخنازير عيانة وعايزين يدبحوها، أنا عندى استعداد أدبح أى حد قبل ما يفكر يهوب ناحية الخنازير ويلمس شعرة منها»، فى حين وقفت فتاة صغيرة لم تتجاوز العشرين إلى جواره تردد بنظرات شاردة «أهى سنة سودة وداخلة علينا بخسارة»، ثم تنتبه من شرودها لتقول «أصلها لقمة عيشنا، ولما دى تتقطع ودى تتقطع هناكل منين؟ نشحت بقى؟».
وإلى زريبة ناروز توفيق عضو مجلس إدارة جمعية جامعى القمامة التى فتحها بسرعة أمام اللجنة قائلاً إنه لا يربى أكثر من ١٥٠ رأساً فقط، ناروز رحب باللجنة قائلاً إنها المرة الأولى منذ وقت طويل التى تهتم بها الحكومة وتتخذ مثل هذه الإجراءات، مفسراً موقف بعض أصحاب الزرائب ضد رشها قائلاً «همة ما يعرفوش إن الرش ده لمصلحتهم، وعشان عندهم أمية بيتهيأ لهم إن الحكومة هتأذيهم».
وعلى العكس منه رفضت إحدى السيدات الإدلاء بأى بيانات عن اسم صاحب إحدى الزرائب مؤكدة أنه متوفى، وأنها هى أم دانيال جميل ملك وحدها التى ترعى الزريبة وتقوم على شؤونها، أم دانيال لم تجد أمامها بداً من أن تسمح للجنة بالدخول للزريبة «يعنى إحنا هنعصى الحكومة»، قائلة عن زريبتها للعامل إنها لا تحوى أكثر من ٤٠ خنزيرًا، وعندما اتهمها أحد الأشخاص بالمغالطة فى العد قالت له «ادخل عدهم انت، أهم شوية صغيرين يمكن يطلعوا خمسين كده».
مثلها تماماً قدمت أم غالى نبيل صموئيل نفسها للجنة على أنها صاحبة الزريبة، ووقفت فى الخارج تنتظر انتهاء العامل من الرش مؤكدة أن خنازيرها بحالة جيدة و«مافيهاش حاجة»، على الأقل لم يحدث أن مات لها خنزير على الأقل فى الأيام الماضية «بيقولوا فيه فلونزا، ولا فيه فلونزا ولا فيه نص».
وإلى زرائب فخرى فهيم، وداود وهيب، ولمعى توفيق غبريال، وكمال متى زخارى واصلت اللجنة عملها، حيث راحت الدكتورة سعاد الخولى تحذر بصوتها العالى «اللى عنده فراخ أو بط أو وز يبعدهم عن الخنازير.. ابعدوا الفراخ عن الخنازير»، فى حين ركزت الدكتورة آنا أنطوانيت اهتمامها على إبعاد الأطفال عن أماكن رش المحلول المطهر محذرة من ضرره على أجهزتهم التنفسية، قائلة إن اللجنة ستعاود عملها بعد يومين، لتتمكن من رش جميع زرائب المنطقة فى ظرف شهر واحد، وهى نفس المدة التى يحتاجها الفيروس - إذا كان موجوداً - لمعاودة الظهور مرة أخرى.
أما الدكتورة سعاد الخولى فقد أعلنت أصحاب الزرائب أنها ستعود للمرور عليهم فى وقت آخر لتحصل على عينات من دماء الخنازير لتحليلها داخل المعامل، فيما أكد اللواء مصطفى عبادة، رئيس حى منشأة ناصر استعداد الحى بكامل هيئته لمعاونة إدارة الطب البيطرى فى عملها، مشيراً إلى أن المنطقة تحتوى على ما يقرب من ٦٠٠ زريبة تضم حوالى ٦٣٣٥٥ خنزيرًا.

حكم نهائى بـ «إعدام» الخنازير

٢٩/ ٤/ ٢٠٠٩

<table dir=rtl cellSpacing=0 cellPadding=0 border=0><tr><td> وقائع المواجهة الأولى بين أصحاب زرائب الخنازير و«الطب البيطرى» Photo

</IMG></TD></TR>
<tr><td>تصوير - محمد معروف
</TD></TR>
<tr><td align=right width=240>د.حمدى السيد يتحدث فى البرلمان بينما يرتدى حمدى حسن نائب الإخوان كمامة
</TD></TR></TABLE>

وصلت المخاوف من انتشار فيروس أنفلونزا الخنازير إلى مرحلة خطيرة، حيث قررت منظمة الصحة العالمية رفع مستوى الإنذار من انتشار الفيروس إلى الدرجة الرابعة على سلم من ٦ درجات، مما يعنى أن العالم لم يعد يفصله عن انتشار المرض بشكل وبائى سوى درجتين، فيما أعلنت المنظمة نفسها عدم وجود إصابات بالمرض بين البشر فى مصر والشرق الأوسط، باستثناء حالة واحدة فى إسرائيل أعلنت عنها تل أبيب.
وفى الوقت الذى تدرس فيه الحكومة إعدام ٣٥٠ ألف خنزير تضمها المزارع المخصصة لتربيتها على مستوى الجمهورية، بدأت عدة محافظات حملات الإعدام، ووجّه الدكتور فتحى سرور، رئيس مجلس الشعب، برقية عاجلة إلى الدكتور أحمد نظيف، رئيس الوزراء، يطالبه فيها بتنفيذ توصية المجلس بضرورة إعدام الخنازير فوراً فى أماكن تواجدها، وعدم نقل المزارع إلى مدينة ١٥ مايو، اتقاء للمرض.
وحمّل الدكتور سرور الحكومة مسؤولية التباطؤ فى تنفيذ توصية المجلس، وقال إن التوصية «واضحة ومهذبة وملزمة» فى الوقت نفسه.
واعترض أعضاء المجلس من الأغلبية والمعارضة على مطلب الدكتور مفيد شهاب، وزير الدولة للشؤون البرلمانية، بإمهال الحكومة فرصة حتى صباح اليوم لدراسة الوضع، وإبلاغ المجلس بالقرارات التى سيتم اتخاذها.
ووصف نواب موقف الحكومة فى مواجهة المرض بـ«المائع». وأعلن أمين أباظة، وزير الزراعة، أن الحكومة تدرس وضع ميزانية مبدئية لصرف تعويضات لأصحاب المزارع بما يتراوح بين ٥٠٠ و٦٠٠ مليون جنيه، فى حالة اتخاذ قرار بالإعدام. ولم ينتظر عدة محافظين صدور قرار رسمى بإعدام الخنازير، وقرر المستشار عدلى حسين، محافظ القليوبية، إعدام الخنازير الموجودة على أرض المحافظة وتعويض أصحابها بـ٥ ملايين جنيه.
ووافقت محافظة حلوان على الإعدام «مؤقتا» لحين زوال خطر المرض. وشهدت عدة محافظات أخرى حملات مكثفة على المزارع أسفرت عن إعدام ١١٠ رؤوس فى البحيرة، و٢٤ فى رأس غارب بالسويس، و١٧ فى المنيا، بينما أُغلقت مجازر الخنازير بالإسكندرية.
وعلمت «المصرى اليوم» أن أصحاب مزارع الخنازير بدأوا فى تهريب الخنازير إلى المناطق الصحراوية. وفى الوقت الذى تسعى فيه الدولة إلى إجراء حوار مع الكنيسة للحصول على تأييدها بإعدام الخنازير، نصح البابا شنودة الثالث، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، جموع الأقباط بالابتعاد عن تناول لحم الخنزير، مؤكداً أن تناوله يتسبب فى إصابة الإنسان بالعديد من الأمراض. بينما أكد ثروت باسيلى، وكيل المجلس الملى العام، أن الكنيسة ليس لها أى حكم فى مسألة إعدام الخنازير، وقال: «على الحكومة أن تتصرف فى هذا الأمر وفق المصلحة العامة».
من جهة أخرى، اتخذت سلطات الحجر الصحى فى مطار القاهرة الدولى أمس الإجراءات اللازمة لمراقبة ١١ سائحاً مكسيكياً فور وصولهم إلى القاهرة، للتأكد من عدم إصابتهم بالفيروس.